شروط الثمن محل العقد ؟
الشرط الأول : نقدية الثمن : يشترط أن يكون الثمن في عقد البيع مبلغاً من النقود وماذا الذي يميز بين البيع والمقايضة . فالفارق الأساسي بين البيع والمقايضة هو أن أحد البدلين في البيع هو دائما مبلغ نقدي , بينما كل من البدلين في عقد المقايضة ليس مبلغاً نقدياً واستلزم كون الثمن نقدياً هو أمر لا يغني عنه أي شئ آخر حتى ولو كان البدل من المثليات التي لها سعر نقدي معروف في البورصة أو في الأسواق كالحبوب والقطن والأسهم والسندات , بل إن تعيين الثمن في صورة سبائك ذهبية لا يجعل من العقد بيعاً لأن السبائك الذهبيه – رغم سهولة تحويلها الى نقود – لا تصلح ثمنا في عقد بيع , بل تعتبر سلعة تصلح فقط بدلاً في عقد مقايضة . ويعتبر العقد بيعاً طالما كان الثمن المشترط فيه ثمناً نقدياً حتى ولو اتفق الطرفان على أن يتم دفعه بإعطاء ما يقابله من سلعة معينة كالحرير أو القطن أو خلافه , وعلى العكس من ذلك يعتبر العقد مقايضة اذا كان كل من البلدين فيه غير نقدي ولو اتفق الطرفان على أن يتم الوفاء بأحد البدلين بما يقابله من قيمة نقدية . المهم إذن هو أن يكون الثمن نقدياً, ولا يهم بعد ذلك طريقة تحديده أو الوفاء به , فقد يكون معجلا أو مؤجلا , وقد يتم دفعه على أقساط أو دفعة واحدة , كما يجوز أن يكون الثمن ايراداً مرتبا مدى حياة البائع أو ايراداً مؤبدا . ولا يعتبر الايراد المؤبد أو الإيراد المرتب مدى الحياة عقدا مستقلاً في هذه الحالة ولكنه يمثل ركن الثمن في عقد البيع .
الشرط الثاني : تقدير الثمن : تنص م 423 من التقنين المدني على أنه : 1- يجوز أن يقتصر تقدير الثمن على بيان الأسس التي يحكم بمقتضاها فيما بعد . 2- واذا اتفق على أن الثمن هو سعر السوق وجب , عند الشك , أن يكون الثمن سعر السوق في المكان والزمان اللذين يجب فيهما تسليم المبيع للمشترى . فإذا لم يكن في مكان التسليم سوق , وجب الرجوع الى سعر السوق في المكان الذي يقضي العرف بأن تكون أسعاره هي السارية " وتنص م 424 على أنه " اذا لم يحدد المتعاقدين ثمناً للمبيع , فلا يترتب على ذلك بطلان البيع متى تبين من الظروف أن المتعاقدين قد نويا اعتماد السعر المتداول في التجارة أو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما "والثمن هو محل التزام المشترى وهو لذلك يجب تحديده في عقد البيع باتفاق كل من البائع والمشتري . ويشترط في هذا التحديد أن يكون كافياً بحيث لا يدع مجالاً للنزاع في مقداره مستقبلاً ويتمتع البائع والمشتري بحسب الأصل بحرية مطلقة تحديد ثمن المبيع , غير أن المشرع قد يفرض أحياناً قيودا على هذه الحرية تقتضيها المصلحة العامة التي تدفعه للتدخل في بعض الحالات لتحديد ثمن بعض السلع , وفي هذه الحالة تختفي حرية المتعاقدين في الاتفاق على ما يزيد عن هذا الثمن .والغالب أن يتم تقدير الثمن صراحة في العقد ذاته بمبلغ محدد من النقود , ولكن في بعض الأحوال قد يكون تعيين الثمن تعييناً ضمنياً . وقد يقتصر المتعاقدان في العقد على بيان أسس تحديد الثمن فيكون قابلاً للتقدير . ويشترط في الأسس التي يتفق عليها الطرفان لتحديد الثمن أن تكون واضحة ومعينة تعييناً كافياً من شأنه منع أى خلاف بينهما, ولذلك لا يعد بيعاً بثمن قابل للتقدير بيع شئ مقابل ثمنه العادل , أو مقابل الثمن الذي يتناسب مع قيمته . كما يشترط في الأسس المتفق عليها لتحديد الثمن أن تكون أسساً موضوعية لا تتوقف على محض ارادة أحد المتعاقدين , فلا يجوز الاتفاق على البيع بالثمن الذي يقدره البائع أو المشترى لأن ترك التحديد لمحض ارادة أحد المتعاقدين يعني في الحقيقة أنه لم يتفق على أى أساس لتحديد الثمن. كذلك لا يجوز الاتفاق على أن يكون الثمن هو ما يقبل أن يشتري به أي شخص آخر لأن من شأنه فتح باب الغش والتواطؤ مع الغير , فقد يتواطأ البائع أو المشتري منع شخص آخر للتقدم بالشراء بسعر يتفق ومصلحته الشخصية . ومن الممكن اعتبار عقد البيع الذي يرد فيه مثل هذا الاتفاق على الثمن مجرد وعد بالتفضيل . ومن أهم صور تحديد الثمن الاتفاق على البيع بسعر السوق , والاتفاق على البيع بالثمن الذي يحدده أجنبي عن العقد . البيع بسعر السوق
قد يحيل البائع والمشتري في تحديد الثمن الى سعر السوق ويعتبر سعر السوق من الأسس الصالحة لتقدير الثمن .فإذا اتفق الطرفان على البيع بسعر السوق وحددا زمان ومكان هذا السوق وجب العمل بما اتفقا عليه .
تحديد الثمن بواسطة أجنبي يتفق عليه المتعاقدان : قد يتفق المتعاقدان على أن يتم تحديد الثمن بواسطة أجنبي يتفقان عليه عند البيع , وفي هذه الحالة ينعقد العقد بواسطة أجنبي يتفقان عليه عند البيع , وفي هذه الحالة ينعقد العقد لأن الثمن وإن لم يقدره المتبايعان الا أنه قابل للتقدير. والثمن الذي يقدره الأجنبي يكون ملزماً لكل من البائع والمشتري لأنه مفوض من قبلهما في تحديده , فهو وكيل عنهما في ذلك . ويحدث أحياناً أن يتفق الطرفان على أن يتم تحديد الثمن بواسطة ثالث يقوما بتعيينه فيما بعد , وفي هذه الحالة لا ينعقد البيع نظراً لعدم تحديد الثمن , ولا يحق لأي من الطرفين اللجوء الى القاضي لطلب تعيين شخص آخر أو تحديد الثمن طالما أنهما لم يتفقا من قبل على قيام المحكمة بذلك , لا ينعقد البيع الا من وقت حصول هذا الاتفاق . أما اذا امتنع أحد الطرفين عن تعيين الأجنبي المتفق على تعيينه فإن البيع لا ينعقد في هذه الحالة ولا يكون أمام الطرف الآخر الا الرجوع بالتعويض على الطرف الممتنع . ترك الثمن غير مقدر وغير قابل للتقدير : وأخيراً فإنه اذا لم يتفق الطرفان على تقدير الثمن , وكان الثمن غير قابل للتقدير وفقاً لأي من المعايير السابقة , فإن البيع لا يمكن أن ينعقد نظراً لعدم تحديد الثمن وعدم امكان تحديده أما اذا اتفق المتعاقدان على البيع دون ثمن , فإن العقد لا ينعقد في هذه الحالة باعتباره بيعاً لأن الثمن ركن أساسي في البيع لا يتم بدونه , ولكن من الجائز أن ينعقد باعتباره هبه , وهي هبه مكشوفه وليست مستترة فلا تنعقد الا بورقة رسمية . وإذا كان الثمن مقدراً أو قابلا للتقدير أنه كان تافها , فإن العقد لا يكون بيعاً بل عقد هبه مكشوفه لا ينعقد الا بورقة رسمية . ويكون الحكم كذلك لو حدد الطرفان ثمناً مناسباً في عقد البيع مع الاشارة الى أن البائع منح الثمن للمشترى أما اذا ذكر المتعاقدان الثمن في العقد ثم اتفقا في عقد آخر على أن لمشتري لا يدفع الثمن للبائع, فإن العقد في هذه الحالة يكون هبة مستترة (غير مكشوفة) ولا تشترط الرسمية لتمامها . الشرط الثالث : حقيقة الثمن وجديته : قلنا من قبل أن الثمن هو ركن من أركان عقد البيع , فإذا انعدم لم ينعقد البيع . وهناك حالتين ينعدم فيهما الثمن : الأولى اذا لم يكن حقيقياً بأن كان صورياً , والثانية اذا لم يكن جدياً بأن كان تافهاً. وعلى ذلك فإنه يشترط لإنعقاد البيع أن يكون الثمن حقيقياً لا صورياً , وأن يكون جدياً لا تافهاً . وسوف نتناول فيما يلي حكم البيع في حالة الثمن الصوري والثمن التافه .
أولاً : الثمن الصوري : الثمن الصوري هو الذي يبدو من ظاهر الاتفاق التزام المشتري به عند التعاقد , ولكن الواقع أن المشتري لا يلتزم به فعلاً . ففي هذه الحالة يذكر الطرفان الثمن في عقد البيع , وعادة ما يتم تحديده بمبلغ من النقود يتناسب غالباً مع قيمة المبيع , الا أنهما يتفقان في ذات الوقت هنا هو مجرد مظهر خارجي فقط لأن البائع لا يحصل عليه بل هو لا يريد الحصول عليه في حقيقة الأمر. وطالما أن الأمر كذلك فإن هذا العقد لا يعتبر في الحقيقة بيعاً بل هبه مستورة في صورة بيع متى ثبت اتجاه ارادة الطرفين الى نقل ملكية الشئ المبيع من أحدهما الى الآخر على سبيل التبرع . وهذه الهبه لا يشترط افراغها في شكل رسمي . ثانياً : الثمن التافه : في هذه الحالة يتم الاتفاق بين الطرفين على ثمن حقيقة , ويكون في نية البائع الحصول عليه , بعكس الحالة السابقة , الا أن الثمن يكون تافها لا يتناسب مع قيمة الشئ المبيع . وعلى ذلك فالثمن التافه هو الذي لا تتناسب قيمته . مع قيمة الشئ المبيع بدرجة واضحة كأن يبيع شخص لآخر سيارة قيمتها عشرون ألف جنيه بثمن قدره مائة جنيه , أو أن تباع سبيكة ذهبية مقابل جنيه واحد . ووجه الاختلاف بين الثمن الصوري والثمن التافه أن الأول يتناسب عادة مع قيمة الشئ المبيع ولكن لا يحصل عليه البائع , أما الثاني فلا يتعادل اطلاقاً مع قيمة الشئ المبيع ولكن يحصل عليه البائع . واذا كان الثمن المذكور في العقد تافها فإن البيع يبطل لتخلف ركن الثمن , ولكن يعتبر العقد في هذه الحالة هبه مكشوفة لا تتم الا بورقة رسمية .ولكن لم ينزل الثمن الى درجة كبيرة جداً بأن كان ثمناً بخساً فإنه يعتبر ثمناً كافياً لانعقاد البيع والثمن البخس هو الذي لا يتناسب مع قيمة الشئ المبيع دون أن يصل الى درجة التفاهة , وبالتالي فهو يصلح لأن يكون مقابلاً لإلتزام البائع بنقل الملكية لأنه لا يشترط – من حيث الأصل – وجود تناسب بين مقدار الثمن وقيمة المبيع . فالقاعدة أن الثمن البخس لا يؤثر في سلامة البيع طالما أنه ثمن جدي قصد البائع الحصول عليه فعلاً مقابل التزامه بنقل ملكية الشئ أو الحق المبيع .والثمن البخس يجعل في البيع غبن من ناحية البائع , والقاعدة العامة في القانون المصري أن مجرد الغبن , أي عدم التعادل بين الأداءات المتقابلة , لا يؤثر في صحة العقد ما لم يكن الغبن ناتجاً عن استغلال أحد الطرفين للآخر , أو ناشئاً من ظروف أخرى كحوادث استثنائية طارئة . وفي هذه الحالة يجوز للقاضي , بناء على طلب المتعاقد المغبون , أن يبطل العقد أو ينقص من التزاماته . وقد خرج المشرع عن هذه القاعدة في حابلة واحدة هي بيع عقار القاصر فقرر أن الغبن الفاحش في هذا البيع وإن كان لا يؤثر في صحة البيع الا أنه يعطى للبائع الحق في المطالبة بتكملة الثمن الى الحد الذي يرفع الغبن الفاحش * شروط الطعن بالغبن : يشترط للطعن في البيع بسبب الغبن توافر شروط أربعة هي : 1-أن يكون العقار المبيع مملوكاً لشخص غير كامل الأهلية : الشرط الأول هو أن يكون صاحب العين المبيعة غير كامل الأهلية . فإن كان كامل الأهلية صح بيعه ولو كان الثمن بخساً ينطوى على غبن فاحش ما دام هذا الثمن جدياً وقصد الحصول عليه بالفعل وعلى ذلك يجب أن يكون المالك غير كامل الأهلية وتقدير اكتمال أهلية البائع يكون بالنظر الى العقار المبيع بالذات . فالقاصر الذي بلغ السادسة عشرة من عمره يعتبر كامل الأهلية بالنسبة للعقار الذي يشتريه مما يكسبه من عمله الخاص , وبالتالي يكون أهلاً لبيع هذا العقار , وإذا باعه ليس له أن يعود ويطعن في البيع على أساس الغبن لأن العقار في هذه الحالة مملوك لشخص كامل الأهلية بالنسبة لبيع هذا العقار بالذات . وأخيراً لا يجوز للمشتري أن يطعن بالغبن اذا زاد الثمن عن قيمة المبيع ولو كان غير كامل الأهلية . فالطعن بالغبن لا يجوز أن يستعمله إلا البائع وحده متى كان الطرف المغبون .
2- أن يكون المبيع عقارا: والشرط الثاني للطعن في البيع أن يكون المبيع . أما بيع المنقولات فإنه لا يتأثر بكون الثمن بخساً أو الغبن فاحشاً للبائع حتى ولو كانت هذه المنقولات مملوكه لغير كامل الأهلية وإذا كان المشرع قد استبعد الطعن بالغبن في بيع المنقول فإنه يهدف من وراء ذلك الى حماية العقارات حفاظاً على التقاليد القديمة التي نقلت عن الرومان حيث كانوا ينظرون الى العقارات على أنها الأشياء الأكثر قيمة وينظرون الى المنقولات على أنها أشياء قليلة القيمة .
والجدير بالذكر ـأنه اذا تضمن البيع عقاراً ومنقولاً كصفة واحد بثمن واحد ( كبيع منزل بمفروشاته بثمن واحد ) وكان من الممكن تجزئة هذه الصفة , فإنه يجوز الطعن بالغبن في بيع العقار وحده وذلك بعد تقدير ما يخصه من الثمن الكلي .
3- أن يكون هناك غبن يزيد على خمس ثمن العقار وقت البيع : لا يكفي للطعن بالغبن مجرد زيادة قيمة العقار المبيع على الثمن بقدر يسير , وإنما يكون الغبن فاحشاً . والغبن لا يكون فاحشاً الا اذا كانت قيمة العقار المبيع تزيد وقت البيع عن ثمنه بأكثر من خمس القيمة .والعبرة في تقدير قيمة العقار هي بوقت البيع وليس بوقت رفع الدعوى أو وقت الحكم فيها كما أن العبرة بالثمن الذي يستحقه البائع بصرف النظر عن المصروفات التي أنفقها المشتري كرسوم التسجيل وغيرها لأنها لا تعود\ على صاحب العقار بفائدة ولا تدخل بالتالي في حساب الثمن . 4- ألا يكون البيع قد تم بطريق المزاد العلني وفقاً لأحكام القانون : والشرط الرابع والأخير للطعن بالغبن هو ألا يكون البيع قد تم بالمزاد العلني وفقاً للقانون . والحكمة من ذلك أن البيع بالمزاد العلني بما يصاحبه من اعلان ودعاية يتيح الفرصة للحصول على أكبر ثمن ممكن للعقار المبيع , كما أن من شأن عدم جواز الطعن بالغبن تشجيع الجمهور على التقدم للشراء . أحكام دعوى الغبن الفاحش (تكملة الثمن ) : لا يعتبر الغبن في بيع المملوك لغير كامل الأهلية سبباً لإبطال العقد , ب سبباً لتكملة الثمن الى أربعة أخماس ثمن امثل . والذي يرفع دعوى تكملة الثمن . هو صاحب العقار المبيع نفسه عندما تكتمل أهليته أو ورثته إذا مات قبل أن يطلب تكملة الثمن . كما يجوز للولى أو الوصي أو القيم على من لا تتوافر لديه الأهلية رفع هذه الدعوى في الحالات التي يتصور فيها ذلك .وترفع هذه الدعوى على المشتري أو على ورثته لأن تكملة الثمن التزام في ذمة المشتري يرتب أثره بالنسبة له وبالنسبة لورثته . ولو أخذ شفيع العقار بالشفعة , فإنه يمكن رفع الدعوى على هذا الشفيع وترفع هذه الدعوى أمام المحكمة التي يوجد بها موطن المدعي عليه لأنها دعوى بحق شخصي . ويجب أن يتم رفع دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن خلال مدة معينة حددتها م426/1 وهي ثلاث سنوات من وقت توافر الأهلية أو من اليوم الذي يموت فيه صاحب العقار المبيع "وعلى المدعي الذي يطالب بتكملة الثمن أن يثبت وجود غبن فاحش في لبيع وذلك عن طريق إثبات أن الثمن أقل من قيمة العقار المبيع وقت البيع . فإذا ثبت الغبن الفاحش في البيع وتوافرت باقي الشروط حكم القاضي بتكملة الثمن إلى أربعة أخماس قيمة المبيع .فإذا امتنع المشتري عن تكملة الثمن إلى القدر الذي نص عليه القانون بعد الحكم عليه بها , ويحق للبائع في هذه الحالة أن يمتنع عن تسليم المبيع , كما يجوز له أن يطلب فسخ البيع لعدم حصوله على الثمن كاملاً .وإذا رفع البائع دعوى تكملة الثمن وانتهي الأمر إلى الحكم بفسخ البيع , فلا يترتب على ذلك ضرراً بالغير حسن النية إذا كان قد كسب حقاً عينياً على العقار المبيع . وفي هذه الحالة لا يتمكن البائع من استرداد العقار من تحت يد الغير حسن النية ولا يبقى له إلا مطالبة المشترى بالتعويض
الشرط الأول : نقدية الثمن : يشترط أن يكون الثمن في عقد البيع مبلغاً من النقود وماذا الذي يميز بين البيع والمقايضة . فالفارق الأساسي بين البيع والمقايضة هو أن أحد البدلين في البيع هو دائما مبلغ نقدي , بينما كل من البدلين في عقد المقايضة ليس مبلغاً نقدياً واستلزم كون الثمن نقدياً هو أمر لا يغني عنه أي شئ آخر حتى ولو كان البدل من المثليات التي لها سعر نقدي معروف في البورصة أو في الأسواق كالحبوب والقطن والأسهم والسندات , بل إن تعيين الثمن في صورة سبائك ذهبية لا يجعل من العقد بيعاً لأن السبائك الذهبيه – رغم سهولة تحويلها الى نقود – لا تصلح ثمنا في عقد بيع , بل تعتبر سلعة تصلح فقط بدلاً في عقد مقايضة . ويعتبر العقد بيعاً طالما كان الثمن المشترط فيه ثمناً نقدياً حتى ولو اتفق الطرفان على أن يتم دفعه بإعطاء ما يقابله من سلعة معينة كالحرير أو القطن أو خلافه , وعلى العكس من ذلك يعتبر العقد مقايضة اذا كان كل من البلدين فيه غير نقدي ولو اتفق الطرفان على أن يتم الوفاء بأحد البدلين بما يقابله من قيمة نقدية . المهم إذن هو أن يكون الثمن نقدياً, ولا يهم بعد ذلك طريقة تحديده أو الوفاء به , فقد يكون معجلا أو مؤجلا , وقد يتم دفعه على أقساط أو دفعة واحدة , كما يجوز أن يكون الثمن ايراداً مرتبا مدى حياة البائع أو ايراداً مؤبدا . ولا يعتبر الايراد المؤبد أو الإيراد المرتب مدى الحياة عقدا مستقلاً في هذه الحالة ولكنه يمثل ركن الثمن في عقد البيع .
الشرط الثاني : تقدير الثمن : تنص م 423 من التقنين المدني على أنه : 1- يجوز أن يقتصر تقدير الثمن على بيان الأسس التي يحكم بمقتضاها فيما بعد . 2- واذا اتفق على أن الثمن هو سعر السوق وجب , عند الشك , أن يكون الثمن سعر السوق في المكان والزمان اللذين يجب فيهما تسليم المبيع للمشترى . فإذا لم يكن في مكان التسليم سوق , وجب الرجوع الى سعر السوق في المكان الذي يقضي العرف بأن تكون أسعاره هي السارية " وتنص م 424 على أنه " اذا لم يحدد المتعاقدين ثمناً للمبيع , فلا يترتب على ذلك بطلان البيع متى تبين من الظروف أن المتعاقدين قد نويا اعتماد السعر المتداول في التجارة أو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما "والثمن هو محل التزام المشترى وهو لذلك يجب تحديده في عقد البيع باتفاق كل من البائع والمشتري . ويشترط في هذا التحديد أن يكون كافياً بحيث لا يدع مجالاً للنزاع في مقداره مستقبلاً ويتمتع البائع والمشتري بحسب الأصل بحرية مطلقة تحديد ثمن المبيع , غير أن المشرع قد يفرض أحياناً قيودا على هذه الحرية تقتضيها المصلحة العامة التي تدفعه للتدخل في بعض الحالات لتحديد ثمن بعض السلع , وفي هذه الحالة تختفي حرية المتعاقدين في الاتفاق على ما يزيد عن هذا الثمن .والغالب أن يتم تقدير الثمن صراحة في العقد ذاته بمبلغ محدد من النقود , ولكن في بعض الأحوال قد يكون تعيين الثمن تعييناً ضمنياً . وقد يقتصر المتعاقدان في العقد على بيان أسس تحديد الثمن فيكون قابلاً للتقدير . ويشترط في الأسس التي يتفق عليها الطرفان لتحديد الثمن أن تكون واضحة ومعينة تعييناً كافياً من شأنه منع أى خلاف بينهما, ولذلك لا يعد بيعاً بثمن قابل للتقدير بيع شئ مقابل ثمنه العادل , أو مقابل الثمن الذي يتناسب مع قيمته . كما يشترط في الأسس المتفق عليها لتحديد الثمن أن تكون أسساً موضوعية لا تتوقف على محض ارادة أحد المتعاقدين , فلا يجوز الاتفاق على البيع بالثمن الذي يقدره البائع أو المشترى لأن ترك التحديد لمحض ارادة أحد المتعاقدين يعني في الحقيقة أنه لم يتفق على أى أساس لتحديد الثمن. كذلك لا يجوز الاتفاق على أن يكون الثمن هو ما يقبل أن يشتري به أي شخص آخر لأن من شأنه فتح باب الغش والتواطؤ مع الغير , فقد يتواطأ البائع أو المشتري منع شخص آخر للتقدم بالشراء بسعر يتفق ومصلحته الشخصية . ومن الممكن اعتبار عقد البيع الذي يرد فيه مثل هذا الاتفاق على الثمن مجرد وعد بالتفضيل . ومن أهم صور تحديد الثمن الاتفاق على البيع بسعر السوق , والاتفاق على البيع بالثمن الذي يحدده أجنبي عن العقد . البيع بسعر السوق
قد يحيل البائع والمشتري في تحديد الثمن الى سعر السوق ويعتبر سعر السوق من الأسس الصالحة لتقدير الثمن .فإذا اتفق الطرفان على البيع بسعر السوق وحددا زمان ومكان هذا السوق وجب العمل بما اتفقا عليه .
تحديد الثمن بواسطة أجنبي يتفق عليه المتعاقدان : قد يتفق المتعاقدان على أن يتم تحديد الثمن بواسطة أجنبي يتفقان عليه عند البيع , وفي هذه الحالة ينعقد العقد بواسطة أجنبي يتفقان عليه عند البيع , وفي هذه الحالة ينعقد العقد لأن الثمن وإن لم يقدره المتبايعان الا أنه قابل للتقدير. والثمن الذي يقدره الأجنبي يكون ملزماً لكل من البائع والمشتري لأنه مفوض من قبلهما في تحديده , فهو وكيل عنهما في ذلك . ويحدث أحياناً أن يتفق الطرفان على أن يتم تحديد الثمن بواسطة ثالث يقوما بتعيينه فيما بعد , وفي هذه الحالة لا ينعقد البيع نظراً لعدم تحديد الثمن , ولا يحق لأي من الطرفين اللجوء الى القاضي لطلب تعيين شخص آخر أو تحديد الثمن طالما أنهما لم يتفقا من قبل على قيام المحكمة بذلك , لا ينعقد البيع الا من وقت حصول هذا الاتفاق . أما اذا امتنع أحد الطرفين عن تعيين الأجنبي المتفق على تعيينه فإن البيع لا ينعقد في هذه الحالة ولا يكون أمام الطرف الآخر الا الرجوع بالتعويض على الطرف الممتنع . ترك الثمن غير مقدر وغير قابل للتقدير : وأخيراً فإنه اذا لم يتفق الطرفان على تقدير الثمن , وكان الثمن غير قابل للتقدير وفقاً لأي من المعايير السابقة , فإن البيع لا يمكن أن ينعقد نظراً لعدم تحديد الثمن وعدم امكان تحديده أما اذا اتفق المتعاقدان على البيع دون ثمن , فإن العقد لا ينعقد في هذه الحالة باعتباره بيعاً لأن الثمن ركن أساسي في البيع لا يتم بدونه , ولكن من الجائز أن ينعقد باعتباره هبه , وهي هبه مكشوفه وليست مستترة فلا تنعقد الا بورقة رسمية . وإذا كان الثمن مقدراً أو قابلا للتقدير أنه كان تافها , فإن العقد لا يكون بيعاً بل عقد هبه مكشوفه لا ينعقد الا بورقة رسمية . ويكون الحكم كذلك لو حدد الطرفان ثمناً مناسباً في عقد البيع مع الاشارة الى أن البائع منح الثمن للمشترى أما اذا ذكر المتعاقدان الثمن في العقد ثم اتفقا في عقد آخر على أن لمشتري لا يدفع الثمن للبائع, فإن العقد في هذه الحالة يكون هبة مستترة (غير مكشوفة) ولا تشترط الرسمية لتمامها . الشرط الثالث : حقيقة الثمن وجديته : قلنا من قبل أن الثمن هو ركن من أركان عقد البيع , فإذا انعدم لم ينعقد البيع . وهناك حالتين ينعدم فيهما الثمن : الأولى اذا لم يكن حقيقياً بأن كان صورياً , والثانية اذا لم يكن جدياً بأن كان تافهاً. وعلى ذلك فإنه يشترط لإنعقاد البيع أن يكون الثمن حقيقياً لا صورياً , وأن يكون جدياً لا تافهاً . وسوف نتناول فيما يلي حكم البيع في حالة الثمن الصوري والثمن التافه .
أولاً : الثمن الصوري : الثمن الصوري هو الذي يبدو من ظاهر الاتفاق التزام المشتري به عند التعاقد , ولكن الواقع أن المشتري لا يلتزم به فعلاً . ففي هذه الحالة يذكر الطرفان الثمن في عقد البيع , وعادة ما يتم تحديده بمبلغ من النقود يتناسب غالباً مع قيمة المبيع , الا أنهما يتفقان في ذات الوقت هنا هو مجرد مظهر خارجي فقط لأن البائع لا يحصل عليه بل هو لا يريد الحصول عليه في حقيقة الأمر. وطالما أن الأمر كذلك فإن هذا العقد لا يعتبر في الحقيقة بيعاً بل هبه مستورة في صورة بيع متى ثبت اتجاه ارادة الطرفين الى نقل ملكية الشئ المبيع من أحدهما الى الآخر على سبيل التبرع . وهذه الهبه لا يشترط افراغها في شكل رسمي . ثانياً : الثمن التافه : في هذه الحالة يتم الاتفاق بين الطرفين على ثمن حقيقة , ويكون في نية البائع الحصول عليه , بعكس الحالة السابقة , الا أن الثمن يكون تافها لا يتناسب مع قيمة الشئ المبيع . وعلى ذلك فالثمن التافه هو الذي لا تتناسب قيمته . مع قيمة الشئ المبيع بدرجة واضحة كأن يبيع شخص لآخر سيارة قيمتها عشرون ألف جنيه بثمن قدره مائة جنيه , أو أن تباع سبيكة ذهبية مقابل جنيه واحد . ووجه الاختلاف بين الثمن الصوري والثمن التافه أن الأول يتناسب عادة مع قيمة الشئ المبيع ولكن لا يحصل عليه البائع , أما الثاني فلا يتعادل اطلاقاً مع قيمة الشئ المبيع ولكن يحصل عليه البائع . واذا كان الثمن المذكور في العقد تافها فإن البيع يبطل لتخلف ركن الثمن , ولكن يعتبر العقد في هذه الحالة هبه مكشوفة لا تتم الا بورقة رسمية .ولكن لم ينزل الثمن الى درجة كبيرة جداً بأن كان ثمناً بخساً فإنه يعتبر ثمناً كافياً لانعقاد البيع والثمن البخس هو الذي لا يتناسب مع قيمة الشئ المبيع دون أن يصل الى درجة التفاهة , وبالتالي فهو يصلح لأن يكون مقابلاً لإلتزام البائع بنقل الملكية لأنه لا يشترط – من حيث الأصل – وجود تناسب بين مقدار الثمن وقيمة المبيع . فالقاعدة أن الثمن البخس لا يؤثر في سلامة البيع طالما أنه ثمن جدي قصد البائع الحصول عليه فعلاً مقابل التزامه بنقل ملكية الشئ أو الحق المبيع .والثمن البخس يجعل في البيع غبن من ناحية البائع , والقاعدة العامة في القانون المصري أن مجرد الغبن , أي عدم التعادل بين الأداءات المتقابلة , لا يؤثر في صحة العقد ما لم يكن الغبن ناتجاً عن استغلال أحد الطرفين للآخر , أو ناشئاً من ظروف أخرى كحوادث استثنائية طارئة . وفي هذه الحالة يجوز للقاضي , بناء على طلب المتعاقد المغبون , أن يبطل العقد أو ينقص من التزاماته . وقد خرج المشرع عن هذه القاعدة في حابلة واحدة هي بيع عقار القاصر فقرر أن الغبن الفاحش في هذا البيع وإن كان لا يؤثر في صحة البيع الا أنه يعطى للبائع الحق في المطالبة بتكملة الثمن الى الحد الذي يرفع الغبن الفاحش * شروط الطعن بالغبن : يشترط للطعن في البيع بسبب الغبن توافر شروط أربعة هي : 1-أن يكون العقار المبيع مملوكاً لشخص غير كامل الأهلية : الشرط الأول هو أن يكون صاحب العين المبيعة غير كامل الأهلية . فإن كان كامل الأهلية صح بيعه ولو كان الثمن بخساً ينطوى على غبن فاحش ما دام هذا الثمن جدياً وقصد الحصول عليه بالفعل وعلى ذلك يجب أن يكون المالك غير كامل الأهلية وتقدير اكتمال أهلية البائع يكون بالنظر الى العقار المبيع بالذات . فالقاصر الذي بلغ السادسة عشرة من عمره يعتبر كامل الأهلية بالنسبة للعقار الذي يشتريه مما يكسبه من عمله الخاص , وبالتالي يكون أهلاً لبيع هذا العقار , وإذا باعه ليس له أن يعود ويطعن في البيع على أساس الغبن لأن العقار في هذه الحالة مملوك لشخص كامل الأهلية بالنسبة لبيع هذا العقار بالذات . وأخيراً لا يجوز للمشتري أن يطعن بالغبن اذا زاد الثمن عن قيمة المبيع ولو كان غير كامل الأهلية . فالطعن بالغبن لا يجوز أن يستعمله إلا البائع وحده متى كان الطرف المغبون .
2- أن يكون المبيع عقارا: والشرط الثاني للطعن في البيع أن يكون المبيع . أما بيع المنقولات فإنه لا يتأثر بكون الثمن بخساً أو الغبن فاحشاً للبائع حتى ولو كانت هذه المنقولات مملوكه لغير كامل الأهلية وإذا كان المشرع قد استبعد الطعن بالغبن في بيع المنقول فإنه يهدف من وراء ذلك الى حماية العقارات حفاظاً على التقاليد القديمة التي نقلت عن الرومان حيث كانوا ينظرون الى العقارات على أنها الأشياء الأكثر قيمة وينظرون الى المنقولات على أنها أشياء قليلة القيمة .
والجدير بالذكر ـأنه اذا تضمن البيع عقاراً ومنقولاً كصفة واحد بثمن واحد ( كبيع منزل بمفروشاته بثمن واحد ) وكان من الممكن تجزئة هذه الصفة , فإنه يجوز الطعن بالغبن في بيع العقار وحده وذلك بعد تقدير ما يخصه من الثمن الكلي .
3- أن يكون هناك غبن يزيد على خمس ثمن العقار وقت البيع : لا يكفي للطعن بالغبن مجرد زيادة قيمة العقار المبيع على الثمن بقدر يسير , وإنما يكون الغبن فاحشاً . والغبن لا يكون فاحشاً الا اذا كانت قيمة العقار المبيع تزيد وقت البيع عن ثمنه بأكثر من خمس القيمة .والعبرة في تقدير قيمة العقار هي بوقت البيع وليس بوقت رفع الدعوى أو وقت الحكم فيها كما أن العبرة بالثمن الذي يستحقه البائع بصرف النظر عن المصروفات التي أنفقها المشتري كرسوم التسجيل وغيرها لأنها لا تعود\ على صاحب العقار بفائدة ولا تدخل بالتالي في حساب الثمن . 4- ألا يكون البيع قد تم بطريق المزاد العلني وفقاً لأحكام القانون : والشرط الرابع والأخير للطعن بالغبن هو ألا يكون البيع قد تم بالمزاد العلني وفقاً للقانون . والحكمة من ذلك أن البيع بالمزاد العلني بما يصاحبه من اعلان ودعاية يتيح الفرصة للحصول على أكبر ثمن ممكن للعقار المبيع , كما أن من شأن عدم جواز الطعن بالغبن تشجيع الجمهور على التقدم للشراء . أحكام دعوى الغبن الفاحش (تكملة الثمن ) : لا يعتبر الغبن في بيع المملوك لغير كامل الأهلية سبباً لإبطال العقد , ب سبباً لتكملة الثمن الى أربعة أخماس ثمن امثل . والذي يرفع دعوى تكملة الثمن . هو صاحب العقار المبيع نفسه عندما تكتمل أهليته أو ورثته إذا مات قبل أن يطلب تكملة الثمن . كما يجوز للولى أو الوصي أو القيم على من لا تتوافر لديه الأهلية رفع هذه الدعوى في الحالات التي يتصور فيها ذلك .وترفع هذه الدعوى على المشتري أو على ورثته لأن تكملة الثمن التزام في ذمة المشتري يرتب أثره بالنسبة له وبالنسبة لورثته . ولو أخذ شفيع العقار بالشفعة , فإنه يمكن رفع الدعوى على هذا الشفيع وترفع هذه الدعوى أمام المحكمة التي يوجد بها موطن المدعي عليه لأنها دعوى بحق شخصي . ويجب أن يتم رفع دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن خلال مدة معينة حددتها م426/1 وهي ثلاث سنوات من وقت توافر الأهلية أو من اليوم الذي يموت فيه صاحب العقار المبيع "وعلى المدعي الذي يطالب بتكملة الثمن أن يثبت وجود غبن فاحش في لبيع وذلك عن طريق إثبات أن الثمن أقل من قيمة العقار المبيع وقت البيع . فإذا ثبت الغبن الفاحش في البيع وتوافرت باقي الشروط حكم القاضي بتكملة الثمن إلى أربعة أخماس قيمة المبيع .فإذا امتنع المشتري عن تكملة الثمن إلى القدر الذي نص عليه القانون بعد الحكم عليه بها , ويحق للبائع في هذه الحالة أن يمتنع عن تسليم المبيع , كما يجوز له أن يطلب فسخ البيع لعدم حصوله على الثمن كاملاً .وإذا رفع البائع دعوى تكملة الثمن وانتهي الأمر إلى الحكم بفسخ البيع , فلا يترتب على ذلك ضرراً بالغير حسن النية إذا كان قد كسب حقاً عينياً على العقار المبيع . وفي هذه الحالة لا يتمكن البائع من استرداد العقار من تحت يد الغير حسن النية ولا يبقى له إلا مطالبة المشترى بالتعويض